الامر بحفظ الاوراق اداريا وفقا للقانون اليمني
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
الامر بحفظ الاوراق اداريا وفقا للقانون اليمني
الطبيعة القانونية لأمر النيابة العامة بحفظ الأوراق والمحكمة المختصة بنظر الطعن فيه
د. عمر يحيى كزابه
▪️من المقرر في التشريع الإجرائي اليمني أن المشرع قد منح النيابة العامة - وحدها- سلطة التصرف في التهمة بناء على محاضر الاستدلالات، فقد أجاز لها التصرف بإصدار أمر -أو قرار- بحفظ أوراق القضية الجنائية (مؤقتاً أو نهائياً).
▪️ويكون لها هذا التصرف بعد إجراءات جمع الاستدلالات وقبل مباشرة التحقيق، ثم أوجب إعلان هذا القرار للخصوم (المجني عليه والمدعي بالحق المدني) وأجاز لهم الطعن في قرار الحفظ أمام المحكمة المختصة.
▪️إزاء ذلك خطرت لي تساؤلات عن الطبيعة القانونية لأمر الحفظ هي: هل هو عمل اجرائي جنائي، أم قرار قضائي؟ ولماذا أجاز المشرع اليمني الطعن فيه؟ وهل يفهم من جواز الطعن فيه أنه قرار قضائي؟ وما المحكمة التي تختص بنظر الطعن فيه، هل هي المحكمة الجزائية الابتدائية أم محكمة الاستئناف الجزائية كالقرار بألا وجه لإقامة الدعوى باعتبار ان الطعن يكون أمامها كدرجة ثانية غالباً؟
▪️بداية يمكن وصف أمر الحفظ بأنه عمل إجرائي جنائي يصدر عن النيابة العامة مضمونه التصرف في تهمة جنائية بحفظ الأوراق دون تحريك الدعوى الجزائية بشأنها.
▪️ووصف امر الحفظ بأنه إجراء جنائي لسببين:
السبب الأول: كونه جاء بعد إجراءات جمع الاستدلالات وبناء عليها، وهذه الأخيرة إجراءات جنائية بطبيعتها - وإن كانت لا تعد من إجراءات الدعوى الجزائية إلا أن ذلك لا ينفي كونها إجراءات جنائية- فقد تقررت بموجب نصوص قانون الإجراءات الجزائية، إضافة لذلك أنه يتم مباشرتها بعد وقوع الجريمة أو عقب الابلاغ عنها، وعموماً فهي لا تعد إجراءات إدارية.
السبب الثاني: كون قرار الحفظ تصرف في تهمة جنائية كما يفهم من دلالة عنوان الفصل الذي ورد فيه (في تصرف النيابة العامة في التهمة بعد جمع الاستدلالات)، بمعني أنه إجراء جنائي صادر بخصوص تهمة جنائية أو شكوى أو بلاغ عن جريمة مضمونه أن الدعوى الجزائية بشأنها لن تتحرك، ويعبر عن موقف النيابة العامة بأنها لا ترى التحقيق في ماتضمنته الأوراق.
▪️نخلص مما سبق إلى: أن قرار الحفظ عمل إجرائي جنائي (قرار جنائي).
▪️ولما كانت القاعدة العامة في التشريع الاجرائي اليمني هي: قابلية القرارات الصادرة عن النيابة العامة في مواجهة ذوي الشأن للطعن فيها (م ٢٠ إجراءات)، كما أن المشرع اليمني قد أجاز الطعن فيه بنص صريح، فهل إجازة الطعن فيه يغير من طبيعته المذكورة بحيث يمكن اعتباره قراراً قضائياً له حجية الأعمال القضائية المانعة؟ بعبارة أخرى: هل مجرد جواز الطعن في أمر الحفظ يغير من طبيعته الإجرائية ويدخله في مصاف القرارات القضائية باعتبار أن الطعن أثر من آثار الأحكام والقرارات القضائية؟
▪️الجواب بالنفي؛ ذلك أن مجرد جواز الطعن في العمل الإجرائي لا يسبغ عليه الطبيعة القضائية، فيبقى عملا إجرائيا كغيره من الأعمال الاجرائية خاضعا لرقابة القضاء، ونفي الطبيعة القضائية عن قرار الحفظ لا يعني -بأي حال من الأحوال- أنه عمل إداري، فهذا الأخير يفترض صدوره من جهة الإدارة ويتعلق بموظف عام، في حين أن قرار الحفظ يتعلق بتهمة جنائية ومتهم وليس بموظف، وهذا ما ينفي عنه صفة القرار الإداري.
▪️ومفاد ما تقدم: أن قرار الحفظ ليس قراراً قضائياً، كم أنه ليس قراراً إدارياً صادراً عن جهة إدارية حتي يمكن خضوعه لرقابة القضاء الإداري، بل إنه إجراء جنائي ليس حجية العمل القضائي التي تمنع العودة إلى القضية التي صدر فيها، وهذا ما جعل فقهاء القانون الجنائي يصفونه بأنه ذو طبيعة إدارية، ويريدون بقولهم هذا : إنه ليس من طائفة الأعمال القضائية التي تكون لها حجية ملزمة لمن أصدرها، ولا يريدون تكييفه أنه قرار إداري كما سبق، وهذا ما نص عليه المشرع اليمني بقوله: يجوز للنيابة العامة العدول عن أمر الحفظ.
▪️وأما التساؤل عن علة إجازة الطعن فيه وهو ليس قراراً قضائياً، ولم تختص بنظره المحكمة الجزائية الابتدائية وليس محكمة الاستئناف كما هو الحال في الطعن في القرار بألا وجه؟
▪️فأعتقد أن المشرع اليمني حين جعل الاتهام حكراً على النيابة العامة، وهي قد تتعسف أو قد تخطئ في حفظ القضية ولا تحركها وفي ذلك ضرر قد يلحق بالمجني عليه فأعطي حق الطعن فيه كوسيلة للرقابة على سلطتها في التصرف بإصدار أمراً بالحفظ (الطعن في أمر الحفظ) - لم يجز المشرع المصري الطعن في قرار الحفظ -، عند ذلك ظهرت حاجة للرقابة عليه فأسندت إلى المحكمة الجزائية الابتدائية، وأعتقد - شخصياً- أن سبب اختصاص هذه المحكمة تحديدا بنظر الطعن في أمر الحفظ هو: أنه قرار جنائي يعد تصرفاً في تهمة جنائية (قرار متعلق بمسألة جنائية)؛ والنظر في المسائل الجنائية والأوامر والقرارات المتعلقة بها اختصاص نوعي للقضاء الجنائي حصراً، فلزم أن يكون الاختصاص بنظر الطعن في أمر الحفظ أمامه.
▪️ولما كان هذا القرار لا يعد بمثابة قرار أو حكم قضائي وقد دعت الحاجة للرقابة عليه فأسند المشرع الرقابة على قانونيته للمحكمة الجزائية الابتدائية وليس لمحكمة الاستئناف؛ كونه لا يماثل الحكم كالقرار بألا وجه، وهذا ما أكدته المحكمة العليا في أحد أحكامها ؛ إذ قضت ببطلان الحكم الاستئنافي الصادر في الطعن في أمر الحفظ لعدم اختصاص المحكمة الاستئنافية نوعياً بنظره، معللة لذلك بقولها: مما يلفت الإنتباه هو قبول محكمة الاستئناف للطعن في قرار النيابة بحفظ الأوراق مخالفة بذلك المادتين ( 112، 113) إجراءات جزائية ... على اعتبار أن الاختصاص ينعقد لمحكمة أول درجة المختصة....، ومما ورد في حيثيات الحكم المذكور، ويحسن ذكره ما قررته المحكمة العليا بقولها:" إنه كان على محكمة الاستئناف أن تدرك الفارق بين قرار النيابة بحفظ الاوراق والقرار بألا وجه الذي يجوز استئنافه أمام محكمة الاستئناف وفقاً لنص المادة ٢٢٤ اجراءات ؛ ولأن محكمة الاستئناف غير مختصة بنظر الطعن ....فإن حكمها باطل مما يستوجب إلغائه" : حكم الدائرة الجزائية في الطعن الجزائي رقم (42157) الصادر بتاريخ 28 / 5 / 2011 ، أشار إليه: أ.د . عبد المؤمن شجاع الدين.
▪️خلاصة القول: إن القرار بحفظ الأوراق هو قرار بالتصرف في تهمة جنائية ويعد -في جوهره- إجراء جنائي، وليس قراراً قضائياً، وأجاز المشرع اليمني الطعن فيه أمام المحكمة المختصة وقد كان دقيقاً، إذ لم يقل أمام محكمة الاستئناف ومحالفاً للصواب في ذلك، كون الاختصاص ينعقد للمحكمة الابتدائية المختصة إعمالاً للاختصاص النوعي
وإن كان الأولى به - باعتقادي- تحديد المحكمة المختصة بنظر الطعن في أمر الحفظ صراحة بإضافة لفظ (الابتدائية) منعاً للبس الناشئ عن الفهم الشائع أن الطعن في الحكم- أو القرار- لايكون الا أمام محكمة الدرجة الثانية أو العليا، خاصة أن تقرير الطعن في أمر الحفظ مما تميز به المشرع اليمني عن غيره مما يستلزم منه تحديد المحكمة صاحبة الاختصاص بنظر الطعن صراحة،،
واللَّه أعلم بالصواب.
▪️أسأل اللَّه أن أكون وفقت فيما كتبت، والعفو عن الإطالة أو أي خطأ غير مقصود ،، تقديري ومحبتي،،،
--------------------------
▪️تم النشر في مدونة القاضي أنيس جمعـان للدراسات والأبحاث القانونية في
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
تعليقات
إرسال تعليق